نصرة الدين
أدعو إخواني من أهل الإيمان إلى أن يقوموا جميعًا بنصرة دين الله عزَّ وجلَّ، وليتشبهوا بالأنصار ومن قبلهم كان المهاجرون، الذين نصروا دين الله تبارك وتعالى، وقد أثنى الله ـ عزَّ وجلَّ ـ على الجميع في كتابه.
والله ـ عزَّ وجلَّ ـ قد أثنى على حواري "عيسى" ـ عليه السلام ـ الذين التزموا بالحقِّ الذي جاء من عند الله ـ عزَّ وجلَّ ـ إبان بعثته، وتابعوه على الدين الحق، الذي نزل من عند الله، قبل أن يبدل أو يحرف أو يغير، والله ـ عزَّ وجلَّ ـ دعا أهل الإيمان إلى أن ينصروا دينه كما فعل الحواريون مع "عيسى" عليه السلام، قال تعالى: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا كُونُوا أَنْصَارَ اللَّهِ كَمَا قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ لِلْحَوَارِيِّينَ مَنْ أَنْصَارِي إِلَى اللَّهِ قَالَ الْحَوَارِيُّونَ نَحْنُ أَنْصَارُ اللَّهِ".
سورة "الصف": الآية (14).
فيا أهل الإيمان استجيبوا إلى أوامر الرحمن ـ تبارك وتعالى ـ استجيبوا لأمر الله ـ عزَّ وجلَّ ـ لكم، وأود أن ألفت الانتباه إلى أن بعض الناس حينما يسمع هذه الكلمات، يظن أن نصر دين الله ـ عزَّ وجلَّ ـ لا يكون إلا بالسلاح والمعارك، وحمل ذلك في سبيل الله ـ تبارك وتعالى ـ وهو حقٌّ، ولكن ينفصل الأمر في نصرة دين الله ـ عزَّ وجلَّ ـ على ذلك، فالكلمة الصحيحة التي يعلم الإنسان بها غيره، ويدعو بها الناس إلى الله تبارك وتعالى، هي في الحقيقة نصرة لدين الله عزَّ وجلَّ، الوقوف إلى جانب الضعفاء والمساكين والمحتاجين وأصحاب الحاجات، حتى لا تنحرف بهم السبل، أو أن يأخذهم أعداء الإسلام، مقابل لقمة عيش يقدمونها، فهو يقدم لهم، ويجود عليهم بما تفضل الله ـ تبارك وتعالى ـ به عليه، يكون إن فعل ذلك يكون حقًا ناصرًا لدين الله تبارك وتعالى.
الذي يلتزم به، ويُري العالم أجمع أن الإسلام الذي جاء من عند الله ـ تبارك وتعالى ـ هو الدين الحقُّ، الذي به تسعد المجتمعات، به يقوم الأفراد، به يكون الناس أمة واحدة، به يعطف القوي على الضعيف ويرعاه، به يكون المجتمع فيما بينه متراحمًا ومتآلفًا، تنصرف جميع أفعال السوء عن المجتمع، فلا يظهر فيه حقد، أوغل، أو حسد، أو رياء، أو نفاق، أو طعن، أو تزوير، أو رشوة، أو أكل أموال الناس بالباطل؛ لأنه مجتمع سليم نظيف.
إذا قام أهل الإسلام بدين الله ـ عزَّ وجلَّ ـ خير قيام، ورأتهم المجتمعات التي تنظر إليهم أحيانًا بعين الازدراء والسخرية والاستهزاء، أو التهجم، وما إلى ذلك، كما نشاهد في بعض الأحيان، هؤلاء الأعداء إذا رأوا من المسلمين تمسكًا بدين الله عزَّ وجلَّ، وشعر العالم أجمع أن أهل الإسلام يحملون الحقَّ الظاهر بينهم، ويسيرون به، ويرفعونه شعارًا لهم، ويقومون بتنفيذ التعليمات الربانية، فالإسلام كله دين عدل، ودين رحمة ومساواة، ودين حرص على نظافة المجتمع، النظافة الحسية والمعنوية، يصلح فيما بين الناس، إذا رأى الناس هذا الاسم متجسدًا ظاهرًا في أهل الإيمان؛ أدركوا حقًّا صحة هذا الدين، وهو صحيح، ولكن نود أن نعلم العالم أجمع أننا نتمسك بدين الله عزَّ وجلَّ، وأننا ننصر دين الله ـ عزَّ وجلَّ ـ من خلال القيام بدينه، ونحن معشر أهل الإيمان مطالبون بذلك.
نحن يجب أن ننظر أمامنا نظرة من خلالها نحمل هذا الدين إلى كل هذه المجتمعات، أي أن تكون لدينا رؤية مستقبلية لدين صحيح، جاءنا من عند الله ـ عزَّ وجلَّ ـ ارتضاه لنا رب العالمين، فنحمله إلى الناس، ونكون بذلك حقًّا من أنصار دين الله عزَّ وجلَّ، ونستحق أن نوصف بما وصف الله ـ عزَّ وجلَّ ـ به المهاجرين والأنصار، الذين رضي الله ـ تبارك وتعالى ـ عنهم، بأنهم نصروا دين الله تبارك وتعالى، وعاهدوا النبي على التضحية والوفاء، ونحن مطالبون بما طولب به السابقون.
الشيخ "عبدالله شاكر"
السبت أكتوبر 04, 2008 4:06 pm